صدام ولد ليكون قائد منذ نعومة اظافره لقد امتلك الجراة والشجاعة وامتلىء ايمانا بعدالة رسالة الامة وبحث عنها فى الشوارع والطرقات وريف العراق وبين اهله واصدقاءه فوجدها فى حزب البعث فى منتصف الخمسينيات وتاثر بشعاراته واهدافه واخذ منه الامل فى صنع تاريخ له ولبلده وامته فاتجه الى النضال وهو فى مقتبل شبابه ووطأة قدماه على طريقه وسرعان بدا يجتاز المسافات ليكون من هؤلاء الرجال الذين تصدوا للزعيم عبد الكريم قاسم الذى مهد الطريق للشعوبين بان يشوهوا شعار الامة ورسالتها التى هى من منبع رسالة الرسول العربى القريشى محمد (ص) وحملها فى قلبه وعقله وجسده فكان له موقف من هذا الحاكم فكان من اوائل الذين فتحوا النار عليه لتلقينه درسا فى التمسك برسالة الامة ودينها ونبيها العربى وليس بما قاله هؤلاء الشعوبيون فكان لهذا الشاب المقاتل الدور الاكثر اهمية فى ترسيخ المبادىء الوطنية والقومية فتدرج فى سلم قيادة حزب البعث وكان له من المتاثرين بطريقة تعامله مع شعارات الحزب شباب كثيرين ارادوا الانتماء للحزب والتعرف عليه والتعلم منه فى كيفية ادارة اجتماعات الحزب وندواته وكان سهلا وسريعا فى جذب مناضلى الحزب الى صفوفه لدقة مايطرحه من مواقف سرعان ما تتحقق على الواقع لذلك فانه وبهذه المواصفات المتكاملة الفكرية والقتالية يستحق كلمة القائد ولكنه ليس قائد كبقية القادة انه قائد بامتياز وبشهادة كل من تعرف عليه من الساسة العرب والاجانب وقادة الاحزاب فى العالم واذكر كيف تاثر به القائد الشيوعى عزيز الحاج عندما التقى به وكيف وجد فيه النموذج المؤهل لقيادة الامة وكذلك انور السادت عندما التقى به فى مطار القاهرة وهو اى صدام كان عائدا من زيارته الى لبييا فى عام 1970 وتوسل به لكى يقابل عبد الناصر وهو مرسل لهذا الغرض ورفض صدام واجابه بان زيارته لمصر ستاتى لاحقا ولقاءه بملك المغرب والملك حسين والملك السعودى وهوارى بومدين وتيتو وزعماء اخرين من الدول والاحزاب وهم كثر . كلهم كان يستمعون له بدقة ويجدون فيه الاندفاع القوى نحو نصرة قضايا وطنه وامته واعود واقول انه لم يكتسب صفة قائد من فراغ او من موقع او من تسمية تقليدية كالتى يسعى اليها الاخرين غيره وانما صنعها من مواقفه الوطنية والعربية والدولية التى كان يعيش معها فى كل يوم من ايامه فى الحزب والسلطة , وكان يطمح الى ذلك منذ ان تولى اعادة تنظيم الحزب الذى تعرض الى الانشقاق حينما تم اقصاء قيادة مشيل عفلق ورفاقه فى سوريا بواسطة انقلاب داخلى قاده صلاح جديد والاتاسى وابراهيم ماخوس ويوسف زعين بحركة اطلقوا عليها حركة 23 شباط التصحيحية وهى ليست المرة الاولى فقد اكتسب خبرة فى اعادة تنظيم الحزب بعد سلسلة من الاشقاقات التى تبعت ردة تشرين 1963 وهى اول مؤامرة على الحزب ولم يستكين له يوم فقرر تشكيل خط صدامى فى الحزب اطلق عليه جهاز حنين الذى يضمن مناضلين اشداء من البعثيين مدنين وعسكرين سيكون لهم الدور الاول فى التغير القادم وفعلا عزم الى تغير النظام الذى كان يقوده عبد السلام عارف فى محاولة اطلق عليها محاولة 591964 ورغم انها لم يكتب لها النجاح , فانه اراد بها اكتشاف قوة الحزب وصلابه مناضليه استعدادا للمحاولة الاخرى وفعلا كان يخطط لذلك ويختار من المناضلين لكى يعدهم للعمل القادم وفى تلك الاوقات الحرجة والمهمة اتخذ البعثيون فى سوريا محاولة لشق الحزب مجددا تحت شعار اليمين واليسار فى الحزب وتعمدوا الى شق الحزب فى العراق واخراج صدام منه ورفاقة الاخيرين ولكن صدام لم يعير للامر شيىء فعمل على اعادة تنظيم الحزب ومواجهة المنشقين التابعين للقيادة السورية فى المؤتمرات الانتخابية للحزب فى نهاية عام 1966 وفى احدى مؤتمرات الحزب فى منطقة الكرادة اراد البعض من الحاضرين ان يحرجوا الرفيق صدام قبل بداية المؤتمر فقال احد الحاضرين وهو يشير الى الرفيق صدام بتسليم مسدسه قبل ترديد الشعار فرد عليه الرفيق صدام بان السلاح هو لحمايه الحزب وليس له وظيفة اخرى فرد عليه المتسائل لا يارفيق ففى مؤتمر الحزب السابق الذى سبق ردة 18 تشرين قدرفع السلاح فى المؤتمر فاستجاب للامر وسلم مسدسه وردد الشعار وبدء الاجتماع فرفع اخر يده موجها كلامه اليه . انك من الذين تامروا على الحزب فى تشرين وكنت تجلس فوق الدبابة وتصفق , وحين الانتهاء من بعض الطروحات اجابهم الرفيق صدام بانه كان من اول المناوئين لردة تشرين حفاظا على تماسك الحزب واننى لم اكن على الدبابة كما يشير احد الرفاق بل اقول للرفيق بان الذى يسمع صوت الدبابة لايسمع صوت ( الصفكة ) وبعد انتهاء المؤتمر اشار الذى ادعى بان صدام كان فوق الدبابة الى القول اشهد بان الرفيق صدام سيقود الامة العربية تاثرا بقدرته على ادارة جو الموتمر والمشاحنات التى حدثت فيه هذا مثل بسيط وحين العودة الى تاريخ صدام فى الحزب فان لكل مناضل التقى معه قصة تاثر فيها وجعلها طريقا للعمل وحدث فلا حرج عن علاقة بالسلطة اى بالعمل الحكومى فهو مثال للادارة التى تجمع بين الصدق والكفاءة والدقة فى اصدار القرارات والشجاعة والجرأة المطلوبة لادارة الدولة فهو يجمع بين اخلاق ابى بكر فى التعامل السهل مع الناس وعدالة عمر فى الاستماع الى مشاكل الناس وصدق عثمان وشجاعة على رضى الله عنهم وارضاهم الذين كان لهم من المواقف لازالت تتردد مع الاحداث وسيرة الحكام والناس . وفى مره من المرات وهو يلتقى بالكاتب المصرى محمد حسنين هيكل قال الكاتب وحين الانتهاء من اللقاء بصدام ناولونى ورقة لكى انتمى الى حزب هذا القائد . وكذلك انديرا غاندى التى كانت ترى فيه رجل دولة له شان فى دول عدم الانحياز . لقد كان صدام يقرأ فى عيون الاخرين حقيقة شعورهم تجاهه , وكان رائعا فى تعامله مع الناس الكبير والصغير منهم وكان لايحب ان يتحول الحزب الى اداة للسلطة وتحقيق المكاسب لانه كان يؤمن بان للحزب مهمة اكبر من حكومة العراق انها مهمة الرسالة وفلسطين وعدالة المجتمع ولذلك اشار فى احدى جلساته مع مرافقه الاقدم باننا على ابواب معركة ستعيد بنا الى الاوكار الحزبية ( الاماكن السرية التى كان يتخبى بها البعثييون ايام نضالهم السرى ) فاجمعوا السلاح واخفوه فى الاوكار لاننا مثلما اتينا من الاوكار سنعود مجددا منها هذا هو صدام القائد والرجل وتلك هى مبادئه فى اوقات هو يعتلى السلطة وفى كونه مناضل فى حزب البعث يؤمن بان طريق النضال طريق طويل وبقدر ماهو مفرح فانه شاق ومحزن فهو يقتدى بالرسول وصحابته ورفاقة بان الامة منذ 1400 عام هجرى حققت الانتصار ثم الهزيمة ثم الانتصار الى ان تتحقق نبؤءة الرسول بان امتى ستنتصر على اعدائها فى النهاية لانها مع الحق والحق معها فهذا هو ابو عدى ذهب جسدا ولكنه باقيا فى ذاكرة الاخرين وفى ذاكرة الامة التى يعز عليها الان ان لايكون رجالها الاشداء والاقوياء غائبين عنها وهى بامس الحاجة اليهم فالتاريخ سوف لايبقى متفرجا لما بقى من صفحاته التى يتمنى ان يكتبها مثل هؤلاء القادة العظام رجال التفوا حول الرسول ورايته ورسالته الايمانية التى انارت للبشرية طريق العدل والحق والمساوات .